بعد 50 يومًا بالضبط من قيامة عيسى المسيح، عليه
السلام، تحقَّقَت الرؤيا التي وصفتها سورة البلد وسورة النصر. المدينة كانت
أورشليم، وكان تلاميذ عيسى المسيح هم الرجال الأحرار الذين كانوا الشهود لتلك
المدينة لكنّ روحُ الله هو الذي كان يتحرَّك بين الحشود في تلك المدينة، ممّا أدّى
إلى الاحتفال والتسبيح والمغفِرة. يمكننا اليوم أن نختبر ذلك اليوم الذي نتعرَّف
عليه حين نفهم تاريخ هذا اليوم الفريد.
وعدَ المسيح بأن يكون معهم دائمًا لكنّه تركهم بعد ذلك بوقتٍ قصيرٍ عندما صعد إلى السماء. كيف يمكن أن يكون لا يزال معهم (وكذلك معنا) بعد صعوده؟
يأتينا الجواب في ما حدث بعد فترةٍ قصيرة. في العشاء الأخير قبل إلقاء القبض عليه، كان قد وعدَ بمجيء المُعين. بعد خمسين يومًا من قيامته (وبعد 10 أيام من صعوده)، تمّ الوفاء بهذا الوعد. يُسمّى هذا اليوم يوم العنصرة أو أحد العنصرة. وهو يحتفي بيومٍ رائعٍ غير عاديّ، ولكن ليس فقط ما حدث في ذلك اليوم، بل متى ولماذا حدث هو الذي يكشف عن آية الله، وعن عطيّةٍ قويّةٍ لك أنتَ.
ما حدث في يوم العنصرة
دُوِّنَت الأحداث الكاملة في الكتاب المقدّس في الأصحاح الثاني من أعمال الرسل. في ذلك اليوم، حلّ الروح القُدس على أوائل أتباع عيسى المسيح عليه السلام فبدأوا يتكلّمون بصوتٍ عالٍ بلغاتٍ من جميع أنحاء العالم. لقد أدّى ذلك إلى درجةٍ عالية من الهياج بحيث خرج آلاف الأشخاص الذين كانوا في أورشليم القدس في ذلك الوقت لرؤية ما كان يحدث. وأمام هذا الحشد المجتمع، تكلّم بطرس عن رسالة الإنجيل الأولى فانضمَّ ’’نحو ثلاثة آلاف نفسٍ إلى عددهم في ذلك اليوم‘‘ (أعمال الرسل 2: 41). لقد كان عدد أتباع الإنجيل ينمو منذ أحد العنصرة. إنّ هذه الخلاصة ليوم العنصرة ليست كاملة. لأنّه، تمامًا كما في مجريات أحداث النبيّ الأُخرى، صادف يوم العنصرة في اليوم نفسه الذي بدأ فيه مهرجان الاحتفال بالتوراة في زمن النبيّ موسى عليه السلام.
كان الاحتفال الثاني هو عيد باكورة الفاكهة، وقد رأينا كيف قام النبيّ من الموت في يوم هذا العيد. بما أنّ قيامة المسيح عليه السلام حدثت في عيد باكورة الفاكهة، فإنّ ذلك كان بمثابة وعدٍ بقيامتنا الآتية وقيامة كلّ مَن يؤمن به. إنّ قيامته هي ’’باكورة‘‘، تمامًا كما تنبَّأ اسم العيد.
تمامًا بعد خمسين يومًا من إعلان ’’الباكورة‘‘ يوم الأحد، طلب كتاب التوراة من اليهود الاحتفال بالعنصرة (التي تُحسَب خمسين يومًا). سُمِّيَ هذا العيد في البداية باسم عيد الأسابيع لأنّه حُسبَ بسبعة أسابيع. كان اليهود يحتفلون بعيد الأسابيع منذ 1500 سنة في زمن النبيّ عيسى المسيح عليه السلام. كان السبب في وجود أشخاصٍ من جميع أنحاء العالم لسماع رسالة بطرس في ذلك اليوم الذي نزل فيه الروح القُدس في أورشليم، هو بالتحديد أنّهم كانوا هناك للاحتفال بعنصرة التوراة. يستمرّ اليهود اليوم الاحتفال بعيد العنصرة لكنّهم يُطلقون عليه اسم Shavuot.
نقرأ في كتاب التوراة كيف كان يتمّ الاحتفال بعيد الأسابيع:
هناك توقيتٌ دقيقٌ لعيد العنصرة عند حلول الروح القدس على الناس بما أنّه وقع في اليوم نفسه الذي يُحتَفَل فيه بعيد الأسابيع (أو عيد العنصرة) الخاصّ بالتوراة. إنّ صلب عيسى المسيح الذي وقع خلال الاحتفال بعيد الفصح، وقيامته التيحدثت في وقت الاحتفال بعيد الباكورة، وحضور الروح القدس في عيد الأسابيع، هي علاماتٌ أو آياتٌ واضحة لنا من الله. مع وجود هذا العدد الكبير من الأيام في السنة، لماذا يجب أن يحدث الصَلب والقيامة، ثمّ حضور الروح القدس، تمامًا في كلِّ يومٍ من أيّام الاحتفالات بأعياد الربيع الثلاثة التوراتيّة، إلاَ إذا كان هذا ليُظهر لنا الله خطّته؟
أحداث الإنجيل التي وقعت بالضبط في أيّام الاحتفالات بأعياد الربيع الثلاثة
في شرحه لعلامات مجيء الروح القدس، أشار بطرس إلى نبوءةٍ النبيّ يوئيل تنبّأ فيها بأنّ روح الله سوف يتدفّق يومًا ما على جميع الشعوب. حقَّقت أحداث يوم العنصرة ذاك هذه النبوءة.
لقد رأينا كيف كشف لنا الأنبياء عن طبيعة عطشنا الروحيّ الذي يقودنا إلى الخطيئة. كما تنبّأ الأنبياء بقدوم ميثاقٍ جديدٍ حيث تُكتَب الشريعة داخل قلوبنا وليس فقط على ألواحٍ حجريّة أو في الكتب. فقط عندما تُكتَب الشريعة في قلوبنا، سوف يكون لدينا القدرة والقوّة على اتّباع الشريعة. إنّ مجيء الروح القدس في يوم العنصرة ذاك ليسكن في المؤمنين هو تحقيقٌ لهذا الوعد.
إنّ أحد الأسباب التي تجعل من الإنجيل ’’أخبارًا سارّة‘‘ هو كونه يوفّر القدرة على عيش الحياة بشكلٍ أفضل. إنّ الحياة الآن هي اتّحادٌ بين الله والناس. يحدث هذا الاتّحاد من خلال حلول روح الله الذي بدأ في يوم أحد العنصرة كما جاء في الأصحاح 2 من سِفر أعمال الرسل. إن إمكانيّة العيش الآن على مستوىً مختلفٍ في علاقةٍ مع الله من خلال روحه هي أخبارٌ سارّة. يمنحنا الروح القدس إرشادًا داخليًّا حقيقيًّا – إرشادًا من الله. يفسّر الكتاب المقدّس الأمر على النحو التالي:
إنّ روح الله الساكن في المؤمنين هو باكورةُ ثانية لأّن الروح هو نذيرٌ – ضمانٌ – لاستكمال تحوّلنا إلى ’’أبناءٍ لله‘‘.
يقدّم الإنجيل حياةً جديدةً، لا بمحاولة إطاعة الشريعة والفشل في إطاعتها. ولا بوفرة العيش من خلال الممتلكات، المكانة، الثروة، وجميع الملذّات الأخرى في هذا العالم التي وجدها النبيّ سليمان عليه السلام فارغة. بدلاً من ذلك، يقدّم الإنجيل حياةً جديدةً وفيرةً من خلال سكَن روح الله في قلوبنا. إذا كان الله يعرض علينا السكَن فينا ومنحنا القوّة والإرشاد، فتلك يجب أن تكون أخبارًا سارّة! إنّ عيد العنصرة التوراتيّ والاحتفال بالفطير المخبوز مع الخميرة هو وصفٌ وتصويرٌ لهذه الحياة القادمة الفُضلى. إنّ دقّة التوقيت بين العنصرة القديمة والعنصرة الجديدة هي علامة واضحة على أنّ خطّة الله لنا هي أن نحظى بحياةٍ فُضلى.
لقد تناولنا أحداث الأسبوع الأخير لعيسى المسيح عليه السلام. يسجِّل الإنجيل أنه صُلب في اليوم السادس – الجمعة الحزينة وأنه قام من الموت يوم الأحد التالي. تمَّ التنبؤ عن ذلك في التوراة والمزامير والأنبياء معاً. لكن لماذا حدث ذلك وماذا يعنيه لك ولي اليوم؟ نسعى في هذه المقالة إلى فهم ما يقدّمه لنا عيسى المسيح وكيف يمكننا الحصول على الرحمة والغفران. هناك أخبارٌ سيّئة وأخبارٌ سارّة لك ولي. هذا سيساعدنا على فهم فدية إبراهيم الواردة في سورة الصافات (سورة 37) وسورة الفاتحة (سورة 1) عندما طلب من الله ’’أهدِنا الصِراط المستقيم‘‘، بالإضافة إلى فَهم لماذا تعني كلمة ’’مُسلِم‘‘ الذي يُسَلِّم (يخضع)، ولماذا تُعتَبَر الطقوس الدينيَّة، مثل الوضوء والزكاة وتناول الطعام الحلال جيّدة، لكنّها نوايا جيّدة غير كافية في حَدِّ ذاتها ليوم الدينونة.
الأخبار السيئة – ما يقوله الأنبياء عن علاقتنا مع الله
إن كلمة “صورة” ليست بالمعنى الماديّ، لكنها تعني أننا خُلقنا لنكون مرآة لطبيعة الله بالطريقة التي نتعامل بها عاطفياً وعقلياً واجتماعياً وروحياً. إننا خُلقنا لنكون في شركة معه. بإمكاننا أن نتصوّر هذه العلاقة في الشريحة أدناه. نرى الخالق الحاكم غير المحدود، في الأعلى بينما وُضِعَ الرجل والمرأة في أسفل الشريحة لأننا مخلوقات محدودة. تظهر العلاقة بواسطة السهم الذي يربط الإثنين.
خُلقنا على صورته لنكون في شركة مع الخالق
الله كاملٌ في طبيعته – إنه قدّوسٌ. ولهذا يقول الزبور
ارتكب آدم عمل عصيان واحد – واحد فقط – فتطلبت قداسة الله أن يدينه. تسجّل التوراة والقرآن أن الله جعله فانياً وطرده من حضرته. والحالة ذاتها تنطبق علينا. عندما نرتكب الخطية أو نعصي الله بأية طريقة كانت فإننا نهينه لأننا لا نسلك بحسب الصورة التي خلقنا عليها. كما أن علاقتنا معه تصبح مقطوعة. وتكون النتيجة حاجزاً صلباً كجدار من الصخر يفصلنا عن خالقنا.
خطايانا تضع حاجزاً صلباً بيننا وبين إلهنا القدوس
اختراق حاجز الخطيَّة باستحقاقنا الديني
يحاول كثيرون منا اختراق هذا الحاجز المُقام بيننا وبين الله من خلال الأعمال الدينية التي تكسب لنا استحقاقاً كافياً لكسر الحاجز. إن الصلاة والصوم والذهاب إلى الحج وإلى المسجد وتقديم الأموال إلى الجمعيات الخيرية هي الطرق التي نسعى من خلالها إلى كسب الاستحقاق لاختراق الحاجز كما توضّحه الصورة التالية. وهكذا نأمل أن يمحي استحقاقنا الدينيّ بعضاً من خطايانا. وإذا ما كسبَت لنا أعمالنا الكثيرة استحقاقاً كافياً فإننا نرجو أن تُمحى جميع خطايانا.
نحاول أن نخترق هذا الحاجز بالقيام بالأعمال الحسنة لنكسب استحقاقاً أمام الله
لكن ما مقدار الاستحقاق الذي نحتاج إليه لإزالة الخطية؟ وما هو الضمان بأن أعمالنا الصالحة ستكون كافية لإزالة الخطية واختراق الحاجز الذي وُضع بيننا وبين خالقنا؟ هل نعرف ما إذا كانت جهودنا لنوايا حسنة ستكون كافية؟ ليس ثمة ضمان لنا، ولهذا نحاول أن نفعل أعمالاً صالحة كثيرة قدر استطاعتنا ونرجو أن تكون كافية يوم الدينونة.
بالإضافة إلى الأعمال التي نقوم بها لكسب الاستحقاق وجهود النوايا الحسنة، يعمل كثيرون منا جاهدين ليكونوا أنقياء. نمارس الوضوء بجدٍّ ومثابرة قبل الصلوات. ونسعى جاهدين إلى الابتعاد عن الأشخاص والأشياء والطعام الذي يجعلنا نجسين. لكن النبي إشعياء أعلن أن:
يُعلمنا النبي أنه حتى لو تجنَّبنا كل شيء قد يجعلنا نجسين، فإنَّ خطايانا ستجعل “أعمال برِّنا” باطلة لا قيمة لها مثل “خرق بالية”. هذه أخبار سيئة. لكن هناك ما هو أسوأ.
الموت يعني حرفياً “الانفصال”. عندما تنفصل روحنا عن جسدنا نموت جسدياً. بشكل مشابه فإننا منفصلون حتى الآن عن الله روحياً ونحن أموات ونجسون في نظره.
تكشف هذه الحقيقة مشكلة رجائنا في كسب الاستحقاق لنزيل الخطية. المشكلة هي أن جهودنا الحثيثة واستحقاقاتنا ونوايانا الحسنة وأعمالنا، مع أنها جيِّدة، إلا أنها ليست كافية لأن التقدمة (الأجرة) المطلوبة لأجل خطايانا هي “الموت”. لا يخترق هذا الحاجز إلا الموت لأنه يحقِّق عدالة الله. إن جهودنا لكسب الاستحقاق هي مثل محاولة علاج السرطان (الذي يؤدي إلى الموت) بتناول الطعام الحلال. إن تناول الطعام الحلال ليس سيئاَ – إنه جيد – وينبغي على المرء أن يتناوله – لكنه لن يشفي السرطان. لعلاج السرطان، نحتاج إلى معالجة مختلفة كلياً تُميت الخلايا السرطانية.
إذن، حتى عندما نبذل جهودنا وتكون لدينا نوايا حسنة للحصول على الاستحقاق الديني فإننا في الواقع أموات ونجسون كجثة في نظر خالقنا.
نتيجة خطايانا الموت – نحن مثل أجساد ميتة نجسة أمام الله
كانت الأخبار لغاية الآن “أخباراً سيئة”. لكن كلمة “إنجيل” تعني “الأخبار السارّة”، وبإعلانه أن ذبيحة موت عيسى كافية لاختراق الحاجز بيننا وبين الله، يمكننا أن نرى لماذا هي أخبار سارّة كما نبيّن أدناه.
ذبيحة عيسى المسيح – حَمَلَ الله – قُدِّمت بالموت علاجاً للخطية نيابة عنا كما فعل خروف إبراهيم.
النبي عيسى المسيح قدَّم نفسهذبيحة ثم قام من الموت كباكورة، لذلك هو يهبنا الآن حياته الجديدة. لا حاجة لنا بعد أن نبقى سجناء موت الخطية.
كانت قيامة عيسى المسيح باكورة. بإمكاننا أن نتحرر من الموت ونحصل على حياة القيامة ذاتها.
بذبيحته وقيامته أًصبح عيسى المسيح بوابة من خلال حاجز الخطية الذي يفصلنا عن الله. لهذا السبب قال النبي:
عيسى المسيح هو إذن البوابة التي تخترق حاجز الخطية والموت
بسبب هذه البوابة بإمكاننا الآن أن نستعيد ثانية العلاقة التي كانت لنا مع خالقنا قبل أن تصبح خطيتنا حاجزاً، ونستطيع أيضاً أن نضمن حصولنا على الرحمة وغفران خطايانا.
بهذه البوابة المفتوحة استرجعنا الآن علاقتنا مع خالقنا
قدم النبي عيسى المسيح نفسه لأجل جميع الناس. إذن هذا يشملك ويشملني أيضاً. من خلال موته وقيامته دفع الثمن ليكون “وسيطاً” ويهبنا الحياة. كيف تُعطى لنا هذه الحياة؟
لاحظ كيف تُعطى لنا. إنها تُقدَّم لنا كهبة. فكروا بالهبات أو الهدايا. مهما كانت الهبة أو الهدية، فإذا كانت هدية فإنها تكون شيئاً لم تقم أنت بأي عمل للحصول عليها ولا تكسبها بالاستحقاقات. إن حصلت عليها باستحقاقك فلن تكون بعد هدية – إنها ستكون أجر عملك. بالطريقة ذاتها، لا يمكنك أن تستحق أو تحصل على ذبيحة عيسى المسيح. إنها تُعطى لك كهبة، بهذه البساطة.
وما هي هذه الهبة؟ إنها “الحياة الأبدية”. هذا يعني أن الخطية التي جلبت عليك وعليَّ الموت قد تمَّ التكفير عنها. إن الله يحبك ويحبني إلى هذه الدرجة. إنها محبة قوية.
إذن كيف تحصل أنت وأحصل أنا على الحياة الأبدية؟ مرة أخرى، فكروا بالهبات والهدايا. إذا أعطاك شخص ما هدية، يجب عليك أن تقبلها. في كل مرة تُقدَّم فيها هبة ما، فإنه يوجد خياران. إما أن تَرفضَ الخطية (“كلا، أشكرك”) أو أن تقبلها (“شكراً على الهدية. سوف آخذها”). هكذا أيضاً يجب أن يتم استلام هذه الهبة. لا يمكن فقط الإيمان بها عقلياً أو دراستها أو فهمها. إنَ أية هدية توهب لك، لكي تكون ذات فائدة، يجب عليك أن “تستلمها”.
الله مخلصنا الذي يريد أن الجميع يخلصون… (تيموثاوس الأولى 2: 3 – 4)
إنه المخلِّص ورغبته هي أن يقبل “جميع الناس” عطيَّته ويخلصون من الخطية والموت. إذا كانت هذه مشيئته، فقبول عطيَّته تعني ببساطة الخضوع لمشيئته – وهذا هو معنى كلمة “مُسلِم” – الذي يُسلِّم أو يخضع.
لاحظوا أن هذا الوعد هو لكل شخص. وبما أن عيسى المسيح قام من الموت، فهو حيٌّ الآن. فإذا طلبتَ منه فهو سيسمعك ويعطيك عطيته. اسأله واطلب منه. ربما أنك لم تفعل هذا سابقاً، لذلك تجد أدناه دليلاً يمكن أن يساعدك. إنه ليس أنشودة سحرية، وليست الكلمات في حدِّ ذاتها هي التي تعطيك قوة. إنما هو الثقة التي كانت لإبراهيم التي نضعها في عيسى المسيح ليعطينا هذه العطية. عندما نضع ثقتنا به فإنه سوف يستمع ويستجيب لنا. الإنجيل قوي لكنه أيضاً بسيط. لا تتردَّد في اتباع هذا الدليل إن وجدته مفيداً لك.
أيها النبي والرب عيسى المسيح. أنا أدرك أنه بسبب خطاياي أنا منفصل عن الله خالقي. ومع أنني أحاول جاهداً، إلا أنَّ جهودي لا تخترق هذا الحاجز. لكنني أدرك أن موتك كان ذبيحة لغسل خطاياي ولأكون نقياً. وأنا أدرك أنك قمت من الموت بعد تقديم نفسك كذبيحة، لذلك أنا أؤمن بأن ذبيحتك كانت كافية ولذا أخضع لك. أشكرك أيها الرب عيسى المسيح لأنك فعلت كل هذا من أجلي، وأسألك الآن أن تستمر في إرشادي في حياتي لكي أستطيع أن أتبعك كربّي.
يعلن الإنجيل أن صلب وقيامة النبي عيسى عليه السلام أمران مركزيان في خطة الله. بعد 50 يوماً بالضبط من قيامة النبي، أعلن بطرس على الملأ، وهو القائد بين أصحابه، ما يلي عن عيسى المسيح:
بعد موعظة بطرس آمن ألوف الناس وقَبِلَت الرسالة جماهير غفيرة في كل أنحاء العالم في ذلك الوقت – وكلهم آمنوا بدون أي إكراه. إن سبب قبول الرسالة الواسع الانتشار كان كتابات التوراة وأنبياء الزبور التي كانت قد كُتِبت قبل مئات السنين. فحص الناس هذه الأسفار المقدسة ليعرفوا إذا كانت فعلاً قد تنبأت بمجيء عيسى المسيح وموته وقيامته. هذه الأسفار ذاتها التي لم تتغير متوفرة اليوم لنتمكن نحن أيضاً من أن نتحقّق من موت وقيامة عيسى المسيح وما إذا كانا قد حدثا حسب “مشورة الله المحتومة وعلمه السابق” كما أعلن بطرس. وها نحن نتفحَّص هنا بعض ما لاحظه سامعو الإنجيل الأوائل من التوراة بينما كانوا:
“… فاحصين الكتب كل يوم …” (أعمال الرسل 11:17)
لقد تدارسوا الكتب المقدسة بعناية لأن رسالة الرسل كانت غريبة وجديدة بالنسبة إليهم. إنّنا نصدرُ حكمًا مسبقًا في رفضنا الرسائل التي هي جديدة وغريبة في آذاننا. نحن جميعا نفعل هذا. ولكن ، إذا كانت هذه الرسالة من الله ورفضوها ، فإن التحذير الذي تضمّنته سورة الغاشية (سورة 88) سيحلُّ عليهم.
لقد أدركوا أن الطريقة المؤكدة لتحديد ما إذا كانت هذه الرسالة غير المألوفة من الله أم لا، هي باختبار الرسالة مقابل كتابات الأنبياء. فهذا كفيلٌ بإبقائهم في مأمنٍ من عقوبة رفض رسالةٍ من الله. سيكون من الحكمة أن نتبع مثالهم، ولذلك، سوف نقوم بدراسة الكتب المقدسة لنرى ما إذا كانت رسالة موت وقيامة النبيّ عيسى عليه السلام قد سبَق ذكرها في الكتابات السابقة. نبدأ بالتوراة.
أُعْلِن علم الله السابق من بداية التوراة
من الصفحة الأولى في التوراة يمكننا أن نرى أن أيام عيسى المسيح وذبيحته كانا معروفين مسبقاً من الله. في جميع الكتب المقدسة (التوراة، الزبور، الإنجيل والقرآن) هناك فقط أسبوعان حيث تُسرَد أحداث ما جرى في كل منهما بالتوالي. إن أول هذين الأسبوعين هو سجل لخلق الله كل شيء في سبعة أيام وهو مُدوَّن في أول أصحاحين من التوراة. الأسبوع الآخر الذي دُوِّنت فيه أحداث يومية هو الأسبوع الأخير للنبي عيسى المسيح. لا يوجد نبي آخر سواء أكان إبراهيم أو موسى أو داود أو محمد (عليهم السلام) تم تدوين أحداث من حياته اليومية خلال أسبوع كامل. إن سجل أسبوع الخليقة الكامل في بداية التوراة موجود هنا. لقد تناولنا الأحداث اليومية لعيسى المسيح في أسبوعه الأخير. يضع الجدول التالي كل يوم من هذين الأسبوعين جنباَ إلى جنب للمقارنة.
الرب الإله نفخ في أنف آدم نسمة الحياة. بدأ آدم بالتنفس.
وضع الله آدم في الجنة.
تمَّ تحذير آدم للابتعاد عن شجرة معرفة الخير والشر لئلا يُصاب بلعنة.
لم يوجد أي حيوان مناسباً لآدم. كان من الضروري إيجاد شخص آخر.
أوقع الرب الإله سباتاً على آدم.
جعل الله جرحاً في جنب آدم الذي خلق منه حواء – عروس آدم.
اليوم 6
استراح عيسى المسيح في الموت.
استراح الله من العمل وأُعلِن ذلك اليوم يوماً مقدساً.
اليوم 7
إن أحداث كل يوم في هذين الأسبوعين هي مثل صوَرٍ في المرآة يعكس كل حدث الآخر. هناك تماثل واتساق بينها. في نهاية كلا هذين الأسبوعين تكون الحياة الجديدة للثمار الأولى مستعدة للظهور والتكاثر. إن آدم وعيسى المسيح هما صورتان معكوستان.
بمقارنة هذين الأسبوعين يمكننا أن نرى أن آدم كان فعلاً نموذجاً معاكساً لعيسى المسيح. هل احتاج الله إلى سبعة أيام ليخلق الكون؟ ألم يكن باستطاعته أن يفعل ذلك بأمر واحد؟ لماذا إذن خلقه بالطريقة التي قام بها؟ لقد فعل ذلك حتى يمكن توقّع الأنشطة الأخيرة لعيسى المسيح في الأعمال اليومية لأسبوع الخلق. هذا الكلام يصح بشكل خاص بالنسبة إلى اليوم السادس. نستطيع أن نرى نموذجاً حتى في اختيار الكلمات. على سبيل المثال، بدلاً من أن نقول فقط أن “عيسى المسيح مات” يقول الإنجيل إنه “أسَلّم الروح”، وهذا نموذج معكوس مباشرة في الكلمات ذاتها عن آدم الذي تلقى “نسمة الحياة”. إن نموذجاً كهذا منذ بدء الزمن يشير إلى “علم سابق” تماماً كما صرَّح بطرس بعد قيامة عيسى النبي.
أمثلة توضيحية لاحقة في التوراة
ثم تسجل التوراة أحداثاً معينة وتؤسس طقوساً كأمثلة توضيحية أو صوراً تدل على ذبيحة النبي عيسى المسيح القادمة. أُعطيَت لنا هذه الأمثلة والصور لمساعدتنا على فهم المعرفة المسبقة لخطة الله. خلال مسيرتنا في التوراة تطرقنا إلى بعض هذه المعالم التي يلخصها الجدول أدناه، مع روابط لهذه العلامات العظيمة التي تمَّ تدوينها قبل النبي عيسى المسيح بألف سنة.
كيف تعلن عن خطة الذبيحة القادمة لعيسى المسيح
العلامة من التوراة
عندما واجه الله آدم بعد عصيانه تحدث عن ذرية شخص ذكر واحد سوف يولد (فقط) من امرأة (وبالتالي الولادة من عذراء). سيقضي هذا الشخص على الشيطان لكنه سيُضْرَب هو أثناء هذه العملية.
كان المطلوب ذبيحة موت. قدّم قايين ذبيحة من الخضار (التي ليس لها روح) لكن هابيل قدم حياة حيوان. فَقَبِلَ الله ذبيحته. يوضح هذا الأمر خطة ذبيحة عيسى المسيح.
تكتسب الصورة تفاصيل إضافية حيث كان الموقع الذي قدم فيه إبراهيم ابنه كذبيحة هو الموقع نفسه حيث كان النبي عيسى المسيح سيُقدَّم كذبيحة بعد آلاف السنين، وتحدث النبي إبراهيم عن تلك الذبيحة المستقبلية. كان ينبغي أن يموت الابن لكن في اللحظة الأخيرة تم استبدال الصبي بخروف لكي يعيش الابن. تصوِّر هذه الحادثة كيف سيقدم عيسى المسيح “حمل الله: نفسه ذبيحة لكي نعيش نحن.
أُعلنَت تفاصيل إضافية عن خطة الله عندما كانت الحملان تُقدّم كذبيحة في يوم محدد هو الفصح. فرعون مصر الذي لم يقدم حملاً كذبيحة، واجه الموت. لكن الإسرائيليين الذين قدموا حملاّ كذبيحة، لم يموتوا. بعد مئات السنين، قدم عيسى المسيح نفسه كذبيحة في اليوم نفسه بالضبط في التقويم، وهو يوم الفصح.
أسّس هرون طقوساً محددة لذبائح الحيوانات. وكان الإسرائيليون الذين يرتكبون الخطية قادرين على أن يكفّروا عن خطاياهم بتقديم الذبائح. لكن موت الذبيحة كان مطلوباً. لم يقدر إلا الكهنة على تقديم الذبائح نيابة عن الشعب. أشارت هذه الأمور إلى عيسى المسيح في دوره ككاهن، الذي كان سيهب حياته ذبيحة لأجلنا.
قال النبي بوضوح إن التوراة لم تكتب عنه فحسب، بل إن كتابات الأنبياء والزبور أيضاً كانت تتحدث عنه. نتطرق إلى هذا الأمر هنا. وفي حين أن التوراة استخدمت أحداثاً كانت أمثلة توضيحية عن مجيئه، إلا أن الأنبياء الذين أتوا بعد ذلك كتبوا مباشرة عن موته الآتي وقيامته بواسطة النبوات.
هنا ندرك كيف نحصل على عطية الحياة الأبدية التي وهبها لنا النبي عيسى المسيح.
يأتي (التحدّي
والانتقاد) بجزأين. يسأل الكافرون في سورة الرعد الآية 5 عمّا إذا كانت القيامة
ستحدث في يومٍ ما. من وِجهةِ نظرهم، بما أنّها لم تحدث قطّ من قبل، فلن تحدث في
المستقبل. ثمّ يسألون عن سبب عدم صنع آيةٍ للتحقُّق من صحّة أنّه ستحدث قيامة. أيّ
يقولون ما معناه: ’’أثبِتْ ذلك‘‘.
سورة الفُرقان (سورة
25) تُظهِرُ هذا التحدّي نفسه على نحوٍ مُختلفٍ بعض الشيء.
تُبيِّن
سورة الفرقان أنّ الناس غالبًا ما يتَّخذون آلهةً زائفة. كيف يُميِّز شخصٌ ما بين
الإله الزائف والإله الحقيقيّ؟ تُقدِّم آية الفرقان الجواب. لا يمكن للآلهة الزائفة أن يكون لديها ’’سلطانٌ
على الموت ولا على الحياة ولا على القيامة. إنّ السلطان على الموت هو ما يفصل بين
ما هو زائفٌ وما هو حقيقيّ.
سواءٌ صدرَ تحدّي الله ورُسُلِه مِن قِبَل الكافرين
لإثبات ما ينبغي خشيَته، وما يمكن تجاهله، أو ما إذا كان التحذير مُوَجَّهٌ من
الله إلى الكافرين لعبادة الإله الحقيقي وليس الإله الزائف، فإنّ المقياس هو نفسه –
القيامة.
القيامة
تستلزمُ سلطانًا وقوّةً مطلَقَتَين. الأنبياء عليهم السلام، إبراهيم، موسى، داود،
محمدصلى الله عليه وسلم – بقدر ما كانوا عظماء – لم يقوموا من الموت. وكذلك لم
يفعل ذلك أحكم الرجال – سقراط، آينشتاين، ونيوتن، وسليمان. ما من إمبراطور حكم على
أيِّ عرشٍ من العروش، بما في ذلك الإمبراطوريات الإغريقيّة والرومانية والبيزنطية
والأُمويّة والعبّاسية والمملوكيّة والعثمانيّة، قد تغلَّبوا على الموت وقاموا من
بيت الأموات. هذا هو التحدي المُطلَق. هذا هو التحدّي الذي اختار عيسى المسيح عليه
السلام مواجهته.
وقد حقَّقَ فوزه يوم
الأحد قبل الفجر. كان انتصارُه على الموت
عند الفجر نصرًا لكَ أنتَ وأنا أيضًا. لم نعد في حاجةٍ إلى أن نكون أسرى الأذى في
هذا العالم. كما هو مَطْلَب سورة الفَلَق (سورة 113).
أليس من المثير للاهتمام أن يحدث الصلب ورقود النبي عيسى المسيح في الوقت ذاته بالتمام مع الاحتفالين المقدسين اللذين تأسسا قبل 1500 سنةٍ كما هو مبينٌ في الخط الزمني؟
إن موت عيسى المسيح حدث في يوم ذبيحة الفصح (اليوم السادس) ورقد في استراحة السبت (اليوم السابع).
إن هذا التنسيق بين النبي عيسى المسيح واحتفالات التوراة مستمر. إن التلاوة الواردة في التوراة أعلاه تتطرق إلى أول احتفالين فقط. الاحتفال التالي كان يدعى “الثمار الأولى”، وأعطت التوراة التعليمات التالية بصدده:
إذن كان اليوم الذي تلا يوم السبت من الفصح ثالث يوم مقدس. في هذا اليوم من كل سنةٍ كان رئيس الكهنة يدخل الهيكل المقدس ويلوّح بأول حصاد قمحٍ في الربيع أمام الرب، كان ذلك العمل يعني بداية حياة جديدة بعد موت الشتاء والتَطَلُّعِ إلى حصادٍ وفيرٍ ليستطيع الناس أن يأكلوا ويكتفوا.
كان ذلك بالضبط هو اليوم ذاته بعد يوم السبت الذي رقد عيسى المسيح فيه في القبر ، وهو يوم الأحد من أسبوع جديد في 16 نيسان. يُسجّل الإنجيل أحداثاً مفاجئةً في هذا اليوم ذاته الذي كان رئيس الكهنة يدخل فيه إلى الهيكل ليقدم “الثمار الأولى” للحياة الجديدة. إليكم سجل ما حدث:
حقق النبي عيسى المسيح عليه السلام في ذلك اليوم المقدس من “الثمار الأولى” انتصاراً عظيماً لم يصدّق أعداؤه وأصحابه أنه من الممكن أن يحدث – فقد عاد إلى الحياة منتصراً على الموت.
وكما يشرح الإنجيل:
54 وَحِينَ يَلبِسُ هَذا الجَسَدُ القابِلُ لِلمَوتِ ما لَيسَ قابِلاً لِلمَوتِ، وَيَلبِسُ الجَسَدُ الفانِي ما لا يَفنَى، يَتَحَقَّقُ المَكتُوبُ:
«هُزِمَ المَوتُ.»
55 «أينَ يا مَوتُ انتِصارُكَ؟ وَأينَ يا قَبْرُ لَدغَتُكَ؟»
قام النبي من الموت إلى الحياة في اليوم ذاته الذي يجري فيه احتفال الثمار الأولى لكي نعرف أن بإمكاننا المشاركة في هذه القيامة من الموت ذاتها. وكما أن احتفال الثمار الأولى كان تقدمة لحياة جديدة مع توقع حصاد عظيم لاحقاً في الربيع، هكذا يخبرنا الإنجيل بأن قيامة عيسى المسيح كانت قيامة الثمار الأولى مع توقّع قيامة أكبر لاحقاً لكل الذين ينتمون إليه. رأينا في التوراة والقرآن الكريم أن الموت أتى بسبب آدم. ويخبرنا الإنجيل بطريقة موازية بأن حياة القيامة تأتي من خلال عيسى المسيح. إنه الثمار الأولى لحياة جديدة نحن جميعاً مدعوون إلى المشاركة فيها.
الفصح: الاحتفال بقيامة يوم الأحد ذاك
غالباً ما يشار اليوم إلى قيامة عيسى المسيح على أنها الفصح، والأحد الذي قام فيه من الموت غالباً ما يُذكر بأنه أحد الفصح. لكن هذه الكلمات استُخدِمت بعد مئات السنين. إن الكلمان الفعلية التي تستخدم لنتذكر بها قيامة عيسى المسيح ليست مهمة. إن ما هو مهمٌ هو قيامة النبي كتحقيق لاحتفال الثمار الأولى الذي بدأ قبل مئات السنين في زمن النبي موسى، وما يعنيه ذلك لك ولي.
نرى هذا الأمر يوم الأحد من الأسبوع الجديد في الخط الزمني.
قام عيسى المسيح من الموت في يوم الثمار الأولى – حياة جديدة قد وُهِبَت لك ولي.
عندما “ذاق الموت” يوم الجمعة الحزينة فإنه فعل ذلك لأجلك ولأجلي ولأجل كل شخص. إن الجمعة الحزينة بالإنجليزية تعني الجمعة السارّة ودعيت الجمعة السارّة لأنها كانت الأخبار السارّة بالنسبة لنا. وعندما قام المسيح من الموت في احتفال الثمار الأولى فإنه يهبُ حياة جديدة لكل شخص.
التفكير بقيامة عيسى المسيح
ظهر النبي عيسى المسيح لأصحابه حياً من الموت خلال أيام كثيرة.تُسرد هنا هذه الأحداثمن الإنجيل. لكن من المفيد الإشارة إلى أنه حتى عند ظهوره الأول لتلاميذه
كيف يمكننا أن نتأكد بأن هذه هي فعلاً خطة الله والسبيل المستقيم لإعطائنا حياة من الموت؟ لا يعرف المستقبل إلا الله، ولذلك العلامات التي أعلنت قبل مئات السنين من خلال الأنبياء في التوراة والإنجيل والتي تحققت من قبل عيسى المسيح، كتبت لتمنحنا الضمان والتأكيد:
إذن نستطيع أن نتعرف على هذا الموضوع الحيوي عن ذبيحة النبي عيسى المسيح وقيامته بواسطة روابط عن أربع مقالات مختلفة ومتوفرة.
1.هذه المقالة تتناول علامات التوراة (شريعة موسى) التي تشير إلى عيسى المسيح.
2.هذه المقالة: تتناول العلامات في “الأنبياء والمزامير”. إن هدف هاتين المقالتين هو أن تتيحا لنا أن نحكم بأنفسنا عمّا إذا كان مدوناً في هذه الأسفار فعلاً أنه “كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم التالي” (لوقا 24: 46).
3.هذه المقالة سوف تساعدنا على أن نفهم كيف نحصل من عيسى المسيح على عطية حياة القيامة هذه.
4.هذه المقالة تعالج بعض التشويش حول صلب عيسى المسيح، وتتناول ما كتبه القرآن الكريم والعلماء المسلمون الآخرون عنه.
أرادت النساء أن تُجَهّزن جسد النبي لكن الوقت كان قد أدركهنَّ، وبدأ يوم السبت عند غروب الشمس يوم الجمعة. كان ذلك هو اليوم السابع من الأسبوع ولم يكن مسموحاً لليهود أن يعملوا في ذلك اليوم. كانت هذه الوصية تعود إلى سجل الخليقة في التوراة. خلق اللّه كل شيء في ستة أيام. تنص التوراة على ما يلي:
وهكذا شهد يوم السبت ذاك رؤساء الكهنة وهم يعملون على إقامة حارس حول الجسد في القبر. رقد جسد النبي عيسى المسيح (عليه السلام) في القبر بينما استراحت النساء إطاعةً للتوراة في يوم السبت ذلك من الأسبوع المقدس. يبين الخط الزمني كيف عكست استراحتهن في ذلك اليوم صورة اليوم السابع من الخليقة حيث تقول التوراة إنّ الله استراح من الخليقة. في اليوم التالي تحقق انتصارٌ مدهشٌ.
سبت استراحة الموت للنبي عيسى المسيح.
ولكنّ هذه كانت مجرَّد استراحة هادئة قبل عرض القوَّة. سورة الفجر (سورة 89) تُذكّرنا كم يمكن أن يكون الفجر مهمًّا بعد ليلةٍ مُظلمة. إنّ انبلاج الفجر يمكن أن يكشف عن أشياءٍ غريبةٍ ’’للَّذين يفهمون‘‘.
سورة الجمعة (سورة 62) تُخبرنا أن يوم صلاة المسلمين هو يوم الجمعة. لكنَّ سورة الجمعة تقدِّم أوّلاً تحدِّيًا – قد قبله النبيّ عيسى عليه السلام، في دوره كالمسيح. لكنَّ سورة الجمعة، وقبل أن يَصدُر أمرٌ بأن يكون يوم الصلاة هو يوم الجمعة، تُعلِن:
هذه الآيات في سورة الجمعة تعني أنّنا إن كنّا أولياء حقيقيِّن لله، فلن نخشى الموت. ولكن نظرًا إلى أنّهم (وأنّنا) يشكّون/نشكُّ في مدى صلاح أعمالنا، فإنّنا نتجنَّب الموت بتكلفةٍ كبيرةٍ. ولكن في هذه الجمعة، اليوم السادس من أسبوعه الأخير، كيهوديّ، واجه عيسى المسيح بالضبط هذا الاختبار – وقد فعل ذلك من خلال البدء بالصلاة. كما يقول الإنجيل عن النبيّ.
قبل أن نتابع سرد أحداث يوم الجمعة هذا، سوف نستعرِضُ الأحداث التي أدَّت إلى صلاة يوم الجمعة.عدوّنا المعلَن، الشيطان، كان قد دخل يهوذا في اليوم الخامس ليخون النبي عيسى المسيح عليه السلام..وفي المساء التالي في اليوم السادس، تناول النبي عشاءه الأخير مع أصحابه (ويُدعون أيضاً تلاميذه). أثناء ذلك العشاء، شرح لهم من خلال مثاله وتعليمه كيف ينبغي أن نحب بعضنا بعضاَ ومحبة الله عظيمة لنا. كيف فعل ذلك بالتمام، قد تمَّ وصفه هنا من الإنجيل، ثم صلّى لأجل جميع المؤمنين – الصلاة التي يمكنك قراءتها هنا. يصف الإنجيل ما حدث بعد ذلك:
ذهب النبي إلى البستان خارج أورشليم ليصلي، وهناك أتى يهوذا بالجنود ليعتقلوه. إذا ما واجهنا الاعتقال، فإننا قد نحاول القتال أو الفرار أو الاختباء. لكن عيسى المسيح عليه السلام لم يقاتل أو يهرب. لكنّه أقرَّ بكل وضوح بأنه فعلاً النبي الذي كانوا يبحثون عنه. إن اعترافه الواضح (“أنا هو”) أذهل الجنود، فهرب أصحابه. خضع النبي للاعتقال وأّخِذ إلى بيت حنانيا للاستجواب.
حكم القادة اليهود على النبي عيسى المسيح بالموت. لكن بما أن روما كانت تحكم أورشليم، لم يكن بالإمكان تنفيذ حكم ما، إلا بموافقة الحاكم الروماني. فأخذوا النبي إلى الحاكم الروماني بيلاطس البنطي. ويسجل الإنجيل أيضاً ما حدث في الوقت ذاته ليهوذا الاسخريوطي الذي كان قد خانه.
تتوقَّع سورة الزلزلة يوم الدينونة. تتوافق تفاصيل موت عيسى المسيح مع ما جاء في سورة الزلزلة كعلامة على أنّ موته كان الثمن الضروريّ المدفوع لأجل ذلكاليوم الآتي.
“طُعِنَ” في جنبه
يسجّل إنجيل يوحنا تفاصيل مذهلة في حادثة الصلب. إنه يقول:
كان كل يوم في التقويم اليهودي يبدأ عند غروب الشمس. لذلك بدأ ذلك اليوم السادس من الأسبوع بمشاركة النبي تلاميذه عشاءه الأخير. وفي نهاية اليوم كان قد تم اعتقاله، وقُدِّم للمحاكمة مرات كثيرة، وصُلِبَ وطُعِنَ برمح ودُفن. يُشار إلى هذا اليوم غالباً بـ “الجمعة الحزينة” (أو: الجمعة السارّة بحسب الترجمة الإنجليزية). وهذا ما يطرح السؤال: كيف يمكن ليوم جرى فيه خيانة وتعذيب وموت نبي أن يدعى باليوم السار؟ لماذا نقول “الجمعة السارّة” (بالإنجليزية) وليس “الجمعة الحزينة”؟
هذا سؤالٌ عظيمٌ نجيب عليه بمتابعة الواقعة التي دوَّنها الإنجيل في الأيام التالية. لكننا نجد دليلاً في الخط الزمني إذا ما لاحظنا أنَّ يوم الجمعة هذا كان يقع في اليوم المقدس في 14 نيسان، وهو يوم الفصح ذاته الذي كان اليهود فيه يقدمون الخروف كذبيحةٍ عن إنقاذهم من الموت في مصر قبل 1500 سنة.
اليوم السادس – الجمعة – من الأسبوع الأخير في حياة عيسى المسيح مقارنةً بقوانين التوراة
تنتهي معظم سجلات الرجال بموتهم، لكن الإنجيل يتابع لكي نفهم لماذا يمكننا أن نعتبر هذا اليوم على أنّه الجمعة السارّة. كان اليوم التالي هو السبت – اليوم السابع.
ولكن أوّلاً، دعنا نعود إلى سورة الجمعة، للمتابعة من الآيات التي قمنا بدراستها.
لم يهرب عيسى المسيح من الموت، مواجهًا التحدّي في الآيتين 6 و 7 في سورة الجمعة، بل بدأ يُصلّي وهو يواجه هذا الاختبار الكبير، مُقيمًا الدليل على إنّه كان ’’خليل الله‘‘. أليس من المناسب إذن، في ذكرى شجاعته، أن يؤمَر المسلمون في وقتٍ لاحقٍ بتخصيص يوم الجمعة كيوم صلاةٍ في الجامع؟ فكأنّ الله لم يشأ أن ننسى الخدمة التي قدَّمها النبيّ.
كان النبي عيسى المسيح عليه السلام قد تنبأ عن علامات مجيئه إلى الأرض في اليوم الرابع من أسبوعه الأخير.ثم دوَّن الإنجيل كيف أراد القادة الدينيون أن يعتقلوه. استخدم الشيطان (أو إبليس) هذه الحادثة ليوجه ضربة إلى النبي – عدوه المعلن. هذه هي الطريقة التي تم بها تسجيل الحادثة:
إن الشيطان أيضاً هو عدوك المعلن الذي يُصوِّرُ كوحش قوي يملك ما يكفي من الدهاء ليضلل العالم كله. سيطر هذا العدو على يهوذا ليضرب النبي عيسى المسيح عليه السلام. وكما يسجل الإنجيل:
كان اليوم التالي – اليوم السادس – احتفال الفصح الذي كان النبي موسى عليه السلام فد بدأه قبل 1500 سنة. كيف كان الشيطان سيجد فرصته من خلال يهوذا، في هذا اليوم المقدس؟ سنتطرق إلى هذا الأمر، تالياُ.
اليوم الخامس – ملخص
يبيّن الخط الزمني كيف أنه في اليوم الخامس من هذا الأسبوع، تحرك الوحش العظيم، الشيطان، ليضرب عدوّه الأعظم – النبي عيسى المسيح عليه السلام.
يدخل الشيطان، الوحش العظيم، يهوذا ليضرب النبي عيسى المسيح.
ما هو الشيء المُشتَرَك بين شجرة التين والنجوم؟ كلاهما علامتان على مجيء أحداثٍ كبرى، وقد أُعطِيَتا كتحذيرٍ مُوَجَّهٍ إلى مَن هم غير المستعدّين. تبدأ سورة التين بما يلي:
يتساءل كثيرون عن السبب الذي جعل المسيح يلعن شجرة التين. لا يفسِّر الإنجيل ذلك بشكلٍ مباشرٍ، لكن بإمكان الأنبياء الأوائل مساعدتنا على أن نفهم السبب. عندما كان هؤلاء الأنبياء يحذّرون من الدينونة الآتية، فغالبًا ما كانوا يستخدمون صورة شجرة التين اليابسة. لاحظوا كيف استخدَم الأنبياء السابقون صورة شجرة التين اليابسة في تحذيراتهم:
تحقَّقت هذه اللعنات عندما دُمِّرت أورشليم (القدس) للمرّة الأولى عام 586 قبل الميلاد (انظر هنافي تاريخ اليهود). عندما جعل النبي عيسى شجرة التين تَيبَس، كان يرمز في نبوءته إلى تدميرٍ آخَر لأورشليم وإلى نفي اليهود من الأرض.
بعد أن لعنَ شجرة التين، تابع عيسى المسيح طريقه نحو الهيكل مُعلِّمًا الناس ومناقشًا رؤساء اليهود. وقد أطلق عدّة تحذيرات حول دينونة الله. يسجّل الإنجيل هذه التعاليم التي ترد هنا كاملةً.
تنبّأ النبيُّ بعلامات مجيئه الثاني
ثمَّ اختتم النبيّ عيسى المسيح (عليه السلام) كلامه بنبوءةٍ مظلمة عن تدمير هيكل اليهود في أورشليم (القدس). في ذلك الوقت، كان هذا الهيكل واحدًا من المباني الأكثر إثارةً للإعجاب في الإمبراطوريّة الرومانيّة كلّها. لكنّ الإنجيل يسجِّل أنّه يتنبَّأ بدماره. كان هذا بداية نقاشٍ حول مجيئه الثاني إلى الأرض وعلامات مجيئه. يسجِّل الإنجيل تعاليمه
بدأ النبيّ بالتنبّؤ بدمار الهيكل اليهوديّ دمارًا كاملاً. نحن نعلم من التاريخ أنّ هذا قد حدث سنة 70م. بعد ذلك، غادر المسيح الهيكل مساءً [i] إلى جبل الزيتون خارج مدينة أورشليم (القدس). وبما أنّ اليوم اليهوديّ يبدأ عند غروب الشمس، فقد كان ذلك في اليوم الرابع من الأسبوع، يوم الأربعاء الثاني عشر من نيسان حين أجاب على سؤالهم وأعطاهم تعاليمه حول انقضاء الدهر ومجيئه الثاني.
نظر النبيّ عيسى المسيح هنا إلى ما هو أبعد من دمار الهيكل. لقد علّمهم أنّ الفترة الممتدّة بين دمار الهيكل ومجيئه ستتميَّز بتنامي الشرّ، وبالزلازل والمجاعات والحروب وباضطّهاد أتباعه. ومع ذلك، فقد تنبّأ بأنّه ‘‘يُكرَز ببشارة الملكوت في كلّ المسكونة’’ (الآية 14). عندما يعلم العالم عن المسيح، سيكون هناك عددٌ كبيرٌ من الأنبياء الكذَبة وادِّعاءاتٍ كاذبة حوله وحول مجيئه. إنّ علامة مجيئه الحقيقيّة في خضَمِّ هذه الحروب والفوضى والضيق ستكون هناك اضطّراباتٌ مُحقَّقة في الشمس والقمر والنجوم. وهي بطريقةٍ ما سوف تُظلِمُ وتحجب نورها.
يمكننا أن نرى أنّ الحرب والضيق والزلازل آخذة في الازدياد – وهكذا يكون زمن مجيئه قد اقترب. ولكن السماء لم تتزعزع بعد – إنّ مجيئه إذن ليس وشيكًا. ولكن ما مدى قربنا من هذا الزمن؟ للإجابة على هذا السؤال، يتابع عيسى المسيح
هل تذكرون شجرة التين التي ترمز إلى إسرائيل، والتي كان المسيح (عليه السلام) قد لعنها ويبست في اليوم السابق عندما دُمِّر الهيكل في سنة 70 م؟ ذَوَت إسرائيل وظلّت ذاوية لآلاف السنين. قال لنا النبيّ أن نبحث عن براعم خضراء وأوراق تخرج من شجرة التين – وعندها سوف نعرف أن الوقت قد أصبح ‘قريبًا’. لقد شهد جيلنا تغيُّرًا في ‘شجرة التين’ هذه مع عودة اليهود إلى إسرائيل. نعم، لقد أضاف هذا الأمر الحروب والمحن والمشاكل للكثيرين في عصرنا، ولكن ينبغي ألاّ يفاجئنا هذا الأمر لأنّ النبيّ حذّر من ذلك في تعاليمه. في نواحٍ كثيرة، لا يزال هناك أجزاءٌ ميّتة لدى هذه ‘الشجرة’، لكنّ أوراق شجرة التين بدأت بالاخضرار.
ينبغي أن يجعلنا هذا حذرين ويقظين في عصرنا هذا لأنّ النبيّ حذّرنا من الإهمال وعدم المبالاة في ما يتعلّق بمجيئه.
تابع عيسى المسيح (عليه السلام) عليمه في الإنجيل حول مجيئه و الرابط إليه هو هنا.
ملخَّص اليوم الثالث واليوم الرابع
يُظهِر الجدول الزمنيّ المُحدث كيف لعَنَ النبيّ عيسى المسيح شجرة التين في اليوم الثالث – الثلاثاء – قبل النقاشات المطَوَّلة بينه وبين رؤساء اليهود. كان ما فعله رمزيًّا نبوءة لإسرائيل. ثمّ قام في يوم الأربعاء، اليوم الرابع، بوصف علامات مجيئه الثاني – وأعظمها شأنًا هي إظلام القمر وجميع الأجرام السماويّة.
علامات عيسى المسيح في اليومين الثالث والرابع من أسبوعه الأخير مقارنةً بلوائح التوراة
بعد ذلك حذّرنا جميعًا من أن نترقَّب باهتمامٍ مجيئه. بما أنّه يمكننا الآن أن نرى شجرة التين وهي تغدو خضراء مرّةً أُخرى، ينبغي أن نعيش باحتراسٍ وأن نكون متيقِّظين.
يسجّل الإنجيل كيف تحرّك الشيطان (إبليس) ضدّ النبيّ في اليوم الخامس الذي سنتطرّق إليه لاحقًا.
يصفُ إنجيل لوقا كل يوم من ذلك الأسبوع ملخِّصًا ما يلي: (لوقا 21: 37)
ما السبب الذي يجعل من موقع (المسجد الأقصى أو بيت المقدِس وقبّة الصخرة) في القدس (أورشليم) مُمَيَّزًا جدًّا؟ لقد وقع العديد من الأحداث المقدّسة في ذلك المكان، لكنَّ قِلّةً من الناس تعرف ما حدث للنبيّ عيسى (عليه السلام) في هذا لمكان المقدّس.
ي نفهمُ بصورةٍ أفضل التحدّي الذي واجهه عيسى المسيح عليه السلام في أورشليم، سوف نقوم بمقارنته بالتحدّي الذي واجهه النبيّ مُحَمَّد ﷺ في مكَّة. تُخبرنا سورة الفَتح (سورة 48) عن قبيلة قُرَيش التي كانت تحرس طريق الوصول إلى الكعبة.
ولكن أعاقت قُرَيش بلوغَ النبيّﷺ وصحابته المسجد الحرام ومكان تقديم الأضاحي في مكّة. حدثَ أمرٌ مماثلٌ في الهيكل المُقدَّس ومكان تقديم الذبائح في أورشليم في زمن عيسى المسيح عليه السلام. فقد أنشأ رؤساء الكهنة نظام بَيع وشراء حيوانات الذبيحة، ممّا كان يستلزم وجود الصيارفة لصَرْف العُملة للمُصلِّين القادمين من أماكن بعيدة. و كان هذا يُعيقُ العبادة الحقيقيّة في الهيكل. لكنّ الهيكل كان قد بُنِيَ لجعل الربِّ معروفًا بين الأُمم – وليس حَجْبه عنها. شرعَ عيسى المسيح، عليه السلام في إصلاح الوضع، ممّا أدّى إلى مواجهته تحدّي الكافرين الذي رُوِيَ في سورة التغابُن (سورة 64).
كان النبيّ قد دخل أورشليم (القدس) في اليوم المحدَّد الذي تمّ التنبُّؤ به قبل مئات السنين، معلنًا عن نفسه بكونه المسيح و نورًا للأُمم. كان ذلك التاريخ بحسب التقويم اليهوديّ هو يوم الأحد 9 نيسان، وهو اليوم الأوّل من الأسبوع المقدّس. وبحسب اللوائح المعمول بها في التوراة، كان اليوم التالي، أي العاشر من نيسان، يومًا استثنائيًّا في التقويم اليهودي. قبل فترةٍ طويلة، وردَ في التوراة أنّ النبيّ موسى (عليه السلام) قد أعدَّ الضربة العاشرة الموجّهة لفرعون بحسب توجيهات الله:
في ذلك الوقت، كان شهر نيسان هو الشهر الأوّل من السنة اليهوديّة. لذلك، في العاشر من نيسان من كلّ سنة، منذ النبيّ موسى، كانت كلّ أُسرةٍ يهوديّة تختار حملاً بمناسبة قدوم عيد الفصح– لم يكن من الممكن أن يتمّ ذلك إلاّ في ذلك اليوم. في زمن النبيّ عيسى المسيح، كان اليهود يختارون حملانهم في هيكلهم في أورشليم القدس – الموقع نفسه حيث امتُحِنَ النبيّ إبراهيم (عليه السلام) في تقديم ابنه ذبيحةً قبل 2000 عام. وهذا هو موقع المسجد الأقصى و قبّة الصخرة اليوم. إذًا، في مكانٍ محدَّدٍ (حيث يقع المسجد الأقصى وقبّة الصخرة اليوم، وحيث كان الهيكل اليهوديّ قائمًا في زمن النبيّ عيسى المسيح)، وفي يومٍ محدَّدٍ من السنة اليهوديّة (10 نيسان)، كان اليهود يختارون حمل الفصح لكلِّ أُسرة (سيختار الفقراء الحمائم). وكما يمكن أن تتخيَّل، فإنّ العدد الكبير من الأشخاص والحيوانات، والضجيج الصادر عن المقايضة، وصرف العملات الأجنبيّة (بما أنّ اليهود جاءوا من العديد من الأماكن) سيجعل من الهيكل في العاشر من نيسان سوقًا محمومة. يسجّل الإنجيل ما فعله النبيّ عيسى المسيح في ذلك اليوم. عندما تشير الفقرة إلى ‘اليوم التالي’ فهذا هو اليوم الذي تلا دخوله الملكيّ إلى أورشليم القدس، في العاشر من نيسان – وهو بالضبط اليوم الذي يتمُّ فيه اختيار حملان الفصح في الهيكل.
دخل يسوع أورشليم القدس واتّجه إلى ساحات الهيكل. أجال نظره في كلِّ ما حوله، ولكن بما أنّ الوقت كان قد أصبح متأخّرًا، انطلق متوجّهًا إلى بيت عنيا مع الاثني عشر.
على الصعيد الإنساني، ذهب النبيّ عيسى المسيح إلى المعبد يوم الاثنين (اليوم الثاني من الأسبوع المقدّس)، العاشر من شهر نيسان، وأوقف النشاط التجاريّ. كانت عمليّات البيع والشراء قد أوجدت حاجزًا أمام الصلاة المُوَجَّهة إلى السماء، خاصّةً بالنسبة إلى الأُمم الأُخرى. كان النبيّ نورًا لهذه الأُمم، لهذا، قام بتحطيم الحاجر الذي يقف بين الأرض والسماء من خلال إيقاف النشاط التجاري. لكنّ شيئًا غير مَرئيٍّ حدث أيضًا في الوقت نفسه. يمكننا أن نفهم هذا من اللقب الذي أطلقه النبيّ يحيا (عليه السلام) على عيسى المسيح. قال النبيّ يحيا عندما أعلن عنه:
كان النبيّ عيسى المسيح ‘حمَلَ الله’. في ذبيحة إبراهيم،كان الله هو مَن اختار الحمل لإبراهيم بديلاً عن ابنه عن طريق اصطياده في الأجَمَة. وهذا هو سبب الاحتفال بعيد الأضحى اليوم. كان الهيكل في هذا المكان حيث كان قد تمّ اختيار ذلك الحمل – حيث يقع اليوم المسجد الأقصى وقبّة الصخرة. عندما دخل النبيّ عيسى المسيح الهيكل في العاشر من نيسان، اختاره الله ليكون حمل الفصح الخاصّ به. كان عليه أن يكون في الهيكل في هذا اليوم بالذات كي يتمّ اختياره – وقد كان.
القَصْد من كَون عيسى حَمَل الفِصح
لأيِّ غرضٍ تمّ اختياره ليكون حمل الفصح؟ تقدِّم لنا تعاليم عيسى الجواب. عندما قال: ‘بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ’ كان يقتبس من النبيّ إشعياء (عليه السلام). في ما يلي الفقرة الكاملة (أقوال النبيّ باللّون الأحمر)
الجدول الزمني التاريخي للنبيّ إشعياء و بعض الأنبياء الآخرين في الزبور
كان ‘الجبل المقدّس’ الذي كتب عنه إشعياء هو جبل موريا حيث قدّم النبيّ إبراهيم ذبيحة الحمل الذي اختاره الله بديلاً عن ابنه. إنّ ‘بيت الصلاة’ كان هو الهيكل الذي دخله عيسى المسيح في يوم العاشر من نيسان. بالنسبة إلى اليهود، يجمع موقع وتاريخ هذا العيد ذبيحة إبراهيم و فصح موسى. ولكن، كان يمكن لليهود فقط تقديم الذبائح في الهيكل والاحتفال بالفصح. لكنّ إشعياء قد كتب أنّ ‘الغرباء’ (غير اليهود) سيرَون ذات يوم أنّ ‘‘محرقاتهم وذبائحهم ستكون مقبولةً’. باقتباس كلام إشعياء، أعلن عيسى أنّ أعماله ستلقى قبولاً عند غير اليهود. لم يوضِّح في هذه المرحلة كيف سيقوم بذلك. ولكن بينما نواصل سرد ما جرى، سوف نعلم حتّى؟؟؟ كما نحن ندرك الآن أنّ الله كان لديه خطّة ليباركك ويباركني.
اليوم التالي في الأسبوع المقدَّس
بعد أن اختار اليهود حملانهم في العاشر من شهر نيسان، كانت لوائح التوراة توصيهم بأن:
بعد ذلك الفصح الأوّل في زمن النبيّ موسى، كان اليهود يقدِّمون ذبائحهم من حملان الفصح في الرابع عشر من نيسان من كلِّ عام. نُضيف ‘حِفظَ الحملان’ وتقدمة ذبائحهم إلى لوائح التوراة في الجدول الزمنيّ لهذا الأسبوع. في النصف السفليّ من الجدول الزمنيّ، نُضيف أنشطة النبيّ في اليوم الثاني من الأسبوع – تطهير الهيكل واختياره كحمل الله للفصح.
أنشطة النبيّ عيسى المسيح (عليه السلام) يوم الاثنين – اليوم الثاني – بمقارنتها بما جاء في اللوائح في التوراة
عندما دخل النبيّ عيسى المسيح (عليه السلام) الهيكل وطهّره، كان لهذا أيضًا تأثيرٌ على الصعيد الإنساني. يتابع الإنجيل قائلاً:
سوف يكون على عيسى المسيح، عليه السلام، أن يُثَبِّت سلطانه من خلال أقسى اختبار كان الكافرون يتحدّون الأنبياء بانتظامٍ به، كما تروي سورة التغابُن. ستكون تلك علامة واضحة تُظهِر أنّ النبيّ لم يكن ببساطة يتصرَّف بسلطانٍ إنسانيٍّ بحت. وكما أوضَحَت سورة التغابُن، كان الاختبار هو قيامته من الموت. ولكن أوّلاً، كان على بعض الأحداث الإضافيّة أن تنكشف في ذلك الأسبوع المصيريّ.
نتابع تاليًا كيف تآلفت مؤامرات السلطات وأفعال النبي ولوائح التوراة معًا ونحن ننظر إلى أحداث اليومين الثالث والرابع.
سورة الأنبياء تقول بوضوح إنّ الله جعل عيسى المسيح عليه السلام، آيةً لجميع الشعوب، وليس لبعض الناس مثل المسيحيِّين واليهود. كيف جُعِلَ النبي عيسى المسيح ’’آيةً‘‘ لنا جميعًا؟ إنّ خلقَ الله للعالم كان كونيًّا للناس أجمعين. لذا، في كلِّ يومٍ من أيّام أسبوعه الأخير، كان عيسى المسيح عليه السلام، يتحدّث ويتصرَّف بطريقة تُشير إلى أيّام الخَلق الستّة (يُعلِّم كلٌّ من القرآن والتوراة أنّ الله خلقَ جميع الأشياء في ستّة أيّام).
سوف نبدأ في النظر في كلِّ يومٍ من أيّام الأسبوع الأخير في حياة عيسى المسيح، مع ملاحظة أنّ جميع تعاليمه وتصرُّفاته هي علامات تُشير إلى الخَلْق. وهذا سيُبيِّن أنّ أحداث كلّ يومٍ من أيّام هذا الأسبوع، كانت مُعَيَّنة مُسبقًا من الله منذ بدء الزمان – وهي ليست وليدة أيّة فكرة إنسانيَّة، لأنّ الإنسان لا يستطيع تنسيق أحداثٍ تفصل ما بينها آلاف السنوات. نبدأ بيوم الأحد – اليوم الأوّل.
اليوم الأوَّل – نورٌ في الظُلْمَة
سورة النور (سورة 24 ) تُقدِّم مثلَ ’’النور‘‘. تقول:
قال الله أن يكون نورٌ في الوجود في اليوم الأوّل من الخَلْق لتبديد الظُلمة. كآيةٍ تُبيِّن أنّ أحداث تلك الساعة كانت مُخطَّطة منذ اليوم الأوَّل للخَلق، تحدّثَ المسيح عن كونه النور الذي يُبدِّدُ الظلمة.
النور يشِعُّ على الأُمَميِّين
كان النبيّ عيسى المسيح (عليه السلام) قد دخل للتوِّ إلى أورشليم القدس راكبًا على حمارٍ كما تنبَّأ بذلك النبيّ زكريّا (عليه السلام) قبل 500 عام، وقد قام بذلك في اليوم نفسه الذي كان النبيّ دانيال قد تنبَّأ به قبل 550 عامًا. وكان اليهود قد وفدوا من العديد من البلدان لحضور احتفال الفصح القادم، ولهذا كانت مدينة أورشليم القدس مزدحمة بالحجّاج اليهود (مثل مدينة مكّة المكرّمة في موسم الحجّ). لذلك تسبَّب وصول النبيّ في إثارة ضجّةٍ بين اليهود. ولكن لم يكن اليهود فقط هم من لاحظ وصول عيسى المسيح. يسجّل الإنجيل ما حدث مباشرةً بعد دخوله أورشليم القدس.
كان من غير المعتاد إلى أبعد الحدود بالنسبة إلى اليونانيّين،(وهم الذين ينتمون إلى الأمم الأُخرى أو غير اليهود)، أن يتواجدوا في احتفالاتِ أعيادٍ يهوديّة. ولأنّ الإغريق واليونان كانوا من المُشركين، فقد كان اليهود يعتبَرونهم نجسين ينبغي تجنّبهم. كما كان معظم اليونانيّين يعتبرون الدين اليهودي الذي يقوم على عبادة إلهٍ واحدٍ (غير مَرئيٍّ) والاحتفالات المرافقة أنّها حماقة. في ذلك الوقت، كان اليهود هم وحدهم الذين يؤمنون بإلهٍ واحدٍ. ولذلك ظلَّت هذه الشعوب في معزلٍ عن بعضها البعض.وبما أنّ المجتمع الذي ينتمي إلى الأُمم أو غير اليهوديّ كان أكبر بكثير من المجتمع اليهوديّ، فقد عاش اليهود في نوعٍ من العزلة عن بقيّة العالم. إنّ اختلاف ديانتهم، ونظامهم الغذائيّ القائم على الذبح الحلال، وكتابهم الخاصّ بالأنبياء، خلق حاجزًا بين اليهود والأُمم ومعاداة كلّ جانبٍ للآخر
في يومنا هذا، وقد أصبح الشِرك بالله وعبادة الأوثان مرفوضَين من قِبَل معظم العالم، يمكننا بسهولةٍ نسيان كم كان هذا مختلفًا في زمن هذا النبيّ. في الواقع، في أيّام إبراهيم (عليه السلام)، كان الجميع تقريبًا، في ما عدا ذلك النبيّ، من المُشرِكين. في زمن النبيّ موسى (عليه السلام)، كانت الأُمم الأُخرى جمعها تعبد الأصنام، وكان الفرعَون نفسه يدّعي بأنّه أحد الآلهة. كان بنو إسرائيل بمثابة جزيرةٍ صغيرةٍ من الموحِّدين في محيطٍ من عابدي الأوثان الذين ينتمون إلى جميع الأمم المحيطة بهم. لكنّ النبيّ إشعياء (عليه السلام) [750 قبل الميلاد] قد سمح له الله أن ينظر في المستقبل فتنبّأ بتغييرٍ سيحصل لجميع هذه الأُمم. وقد كتب:
إذن، تنبّأ النبيّ إشعياء بأنّ ‘خادم’ الربّ القادم، على الرغم من كونه يهوديًّا، (‘سبط يعقوب’) سوف يكون ‘نورًا للأمم’ (جميع مَن هم ليسوا يهودًا) وهذا النور سيصل إلى آخر العالم. ولكن كيف يمكن أن يحدث هذا وهذا الحاجز بين اليهود والأمم لا يزال قائمًا منذ مئات السنين؟
في ذلك اليوم الذي دخل النبيّ عيسى فيه مدينة أورشليم القدس، بدأ النور يجتذب أوائل الأُمميّين كما نرى بعضًا منهم يقترب من النبيّ. هنا في هذا الاحتفال اليهودي حيث كان اليونانيّون الذين توجّهوا إلى أورشليم القدس للتعرُّف على النبّي عيسى المسيح (عليه السلام). ولكن هل سيتمكّنون من رؤية النبيّ’ وهم يعتَبَرون ذلك حرامًا في نظر اليهود؟ لقد توجّهوا بسؤالهم إلى أصحاب عيسى الذين نقلوا بدورهم الطلب إلى النبيّ. ماذا سيكون ردُّه؟ هل سيسمح لهؤلاء اليونانيّين الذين كانوا يعرفون القليل جدًّا عن الدين الصحيح أن يقابلوه؟ يتابع الإنجيل سرده
في هذا التبادل الكلامي الدراميّ، بما في ذلك حتّى صوتٌ من السماء، قال النبيّ إنّه سوف ‘يُرفَع عن الأرض’ وهذا من شأنه أن يجذب ‘الجميع’ إليه – وليس اليهود فقط. لم يفهم العديد من اليهود، على الرغم من أنّهم يعبدون إلهًا واحدًا فقط، ما كان النبيّ يقوله. وقد قال النبيّ إشعياء إنّ ذلك راجع إلى قسوة قلوبهم – عدم رغبتهم في الخضوع لله – وكان ذلك السبب الأصليّ لعدم خضوعهم – حتّى عندما آمن آخرون في صمتٍ بسبب الخوف.
أعلن النبيّ عيسى المسيح بجرأة أنّه ‘جاء نورًا إلى العالم’ (الآية 46) وهو ما كان قد كتبه الأنبياء السابقون بأنّه سيكون نورًا يُضيء جميع الأُمم. في اليوم الذي دخل فيه أورشليم القدس، بدأ النور يُضيء الأُمم. هل ينتشر هذا النور ليصل إلى جميع الأُمم؟ ماذا يعني النبيّ بأنّه ‘يرتفعُ عن الأرض’؟ نواصل خلال هذا الأسبوع الأخير كي نفهم هذه الأسئلة.
يمرُّ الرسم البيانيّ التالي خلال كلّ يومٍ من أيّام هذا الأسبوع. في يوم الأحد، وهو اليوم الأوّل من الأسبوع، تمَّم المسيح ثلاث نبوءاتٍ مختلفةٍ تنبّأ بها ثلاثة أنبياء سابقين. أوّلاً، دخل أورشليم القدس راكبًا حمارًا كما تنبّأ زكريّا. ثانيًا، قام بذلك في الوقت الذي تنبّأ به دانيال. ثالثًا، بدأت رسالته ومعجزاته في إذكاء الاهتمام بين الأُمم – وهو الأمر الذي تنبّأ إشعياء النبيّ بأنّه سيكون نورًا للأُمم ويصبح أكثر سطوعًا للشعوب في جميع أنحاء العالم.